ميسم عضو برونزي
عدد المساهمات : 93 نقاط : 250 تاريخ التسجيل : 12/12/2011
| موضوع: إني لأكره أن أرى الرجل فارغا الخميس ديسمبر 22, 2011 6:37 am | |
| إني لأكره أن أرى الرجل فارغا
عظّم الله شأن الوقت إذ هو الحياة فأقسم الله بالضُّحى وبالعصر وبالصُّبح وبالفجر وبالليل وبالنهار ، وهذه هي حياة الإنسان . كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله حيث قال : الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما . يعني أن الليل والنهار يأخذان من حياتك فخذ منهما وتزوّد فيهما لما أمامك
قال أبو الدرداء رضي الله عنه : ابن آدم طـأِ الأرض بقدمك ، فإنها عن قليل تكون قبرك . ابن آدم إنما أنت أيام ، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك . ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمك .
ومما يدلّ على أهمية الوقت أن الله جعله محِل العبادات ، وجعل قبول تلك العبادات منوطاً بأوقاتها . قال سبحانه : ( إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا )
ولذا أوصى أبو بكر عمرَ فقال : إني موصيك بوصية - إن أنت حفظتها - إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل ، وإن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار ، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدّى الفريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحقّ وثقله عليهم ، وحُـقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفّـتِه عليهم ، وحُـقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً .
ولذا كان السلف يضنون بأوقاتهم ويبخلون بها
قال الحسن البصري – رحمه الله – : أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشدّ منكم على دراهمكم ودنانيركم ! وكان يقول : ابن آدم إنك بين مطيّـتين يُوضِعانك : الليل إلى النهار ، والنهار إلى الليل ، حتى يُسلمانك إلى الآخرة ، فمن أعظم منك يا ابن آدم خطراً .
وهذا عامر بن عبد قيس – أحد التابعين – يقول له رجل : كلّمني . فيقول له : أمسك الشمس ! وما ذلك إلا ليشعره بقيمة الوقت .
قال عبدُ الرحمن بن مهدي : لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموتُ غداً ، ما قَدَر أن يزيد في العمل شيئا . وقال عفان بن مسلم : قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة ، ولكن ما رأيت أشدّ مواظبة على الخير وقراءة القرآن والعمل لله من حماد بن سلمة . وقال موسى بن إسماعيل : لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا قط صدقتكم ، كان مشغولا بنفسه ؛ إما أن يُحدِّث ، وإما أن يقرأ ، وإما أن يسبح ، وإما أن يصلي . كان قد قسم النهار على هذه الأعمال .
ولذا مات حماد بن سلمة في المسجد وهو يصلي .
هكذا كانت تُقضى الأوقات .
ولذا كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : إني لأكره أن أرى الرجل فارغا ، لا في عمل الدنيا ، ولا في عمل الآخرة .
وهذا أحد علماء السلف ، وهو محمد بن سلاَم البيكندي – شيخ البخاري - يحضر مجلس شيخه ، والشيخ يُملي وهو يكتب الحديث فانكسر قلمُه ، فأمر أن يُنادى : قلمٌ بدينار ! فتطايرت إليه الأقلام .
وما ذلك إلا لحرصه على وقته وخشية أن يضيع منه شيء . فالوقت عندهم أثمن من كل شيء . الوقت عندهم أثمن من الدينار والدّرهم .
وللحديث بقية بإذن رب البريّــة
الشيخ عبد الرحمن السحيم | |
|