عرووبة عضو فضي
عدد المساهمات : 143 نقاط : 291 تاريخ التسجيل : 08/12/2011 العمر : 29
| موضوع: أليس الله بكاف عبده الجمعة فبراير 03, 2012 7:53 am | |
| أليس الله بكاف عبده الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد: فيقول الله تعالى: ( أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه )
قال ابن كثير: يقول تعالى ( أليس الله بكاف عبده ) وقرأ بعضهم: ( عباده ) يعني أنه تعالى يكفي مَن عبده وتوكل عليه. وقال ابن أبي حاتم ههنا: حدثنا أبو عبد الله ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثنا أبو هانئ عن أبي علي عمرو بن مالك الجنبي عن فضالة بن عبيد الأنصاري سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( أفلح من هُدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به ) ورواه الترمذي (2349) والنسائي من حديث حيوة بن شريح عن أبي هانئ الخولاني به، وقال الترمذي: صحيح. ( ويخوفونك بالذين من دونه ) يعني المشركين يخوفون الرسول صلى الله عليه وسلم ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دون الله جهلا منهم وضلالا ولهذا قال عز وجل: ( ومن يضلل الله فما له من هاد . ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام ) أي منيع الجناب لا يُضام من استند إلى جنابه ولجأ إلى بابه فإنه العزيز الذي لا أعزَّ منه ولا أشدَّ انتقاماً منه ممن كفر به وأشرك وعاند رسوله صلى الله عليه وسلم. تفسير ابن كثير، ط. مؤسسة قرطبة، 12/131
وقال ابن حيان: أليس الله بكاف عبده: أي شرَّ من يُريده بشرٍ والهمزة الداخلة على النفي للتقرير، أي هو كاف عبده. البحر المحيط، ط. العلمية، 7/413 وقال ابن حبان: ولما كان تعالى كافي عبده؛ كان التخويف بغيره عبثاً باطلاً. 7/413
وقال الشنقيطي في تفسير قوله تعالى: ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) من سورة الأنفال: قال بعض العلماء: إن قوله: ( ومن اتبعك ) في محل رفع بالعطف على اسم الجلالة، أي حسبك الله وحسبك أيضاً من اتبعك من المؤمنين. وممن قال بهذا: الحسن، واختاره النحاس وغيره كما نقله القرطبي. وقال بعض العلماء: هو في محل خفض بالعطف على الضمير الذي هو الكاف في قوله: ( حسبك )، وعليه فالمعنى: حسبك الله أي : كافيك وكافي من اتبعك من المؤمنين، وبهذا قال الشعبي وابن زيد وغيرهما وصدَّر به صاحب ( الكشّاف )، واقتصر عليه ابن كثير وغيره. والآيات القرآنية تدل على تعيين الوجه الأخير، وأن المعنى كافيك الله وكافي من اتبعك من المؤمنين لدلالة الاستقراء في القرآن على أن الحسب والكفاية لله وحده، كقوله تعالى: ( ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون ) فجعل الإيتاء لله ورسوله كما قال: ( وما آتاكم الرسول فخذوه )، وجعل الحسب له وحده؛ فلم يقل: وقالوا حسبنا الله ورسوله، بل جعل الحسب مختصاً به وقال: ( أليس الله بكاف عبده ) فخص الكفاية التي هي الحسب به وحده، وتَمَدَّحَ تعالى بذلك في قوله: ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )، وقال تعالى: ( وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين )، ففرَّق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده. وقد أثنى سبحانه وتعالى على أهل التوحيد والتوكل من عباده حيث أفردوه بالحسب، فقال تعالى: ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) وقال تعالى: ( فإن تولوا فقل حسبي الله الآية )، إلى غير ذلك من الآيات. أضواء البيان، ط. عالم الفوائد، 2/489-490
-وقال ابن القيم: قوله – يعني عمرا بن الخطاب -: ( فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تَزَيَّن بما ليس فيه شانه الله ) هذا شقيق كلام النبوة، وهو جَدِيرٌ بأن يخرج من مشكاة المُحَدَّث المُلْهَم، وهاتان الكلمتان من كنوز العلم ومن أحسنَ الإنفاق منهما نفع غيره وانتفع غاية الانتفاع فأما الكلمة الأولى فهي منبع الخير وأصله والثانية أصل الشر وفصله، فإن العبد إذا خلصت نيته لله تعالى وكان قصده وهمه وعلمه لوجهه سبحانه كان الله معه فإنه سبحانه ( مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) ورأس التقوى والإحسان خلوص النية لله في إقامة الحق والله سبحانه لا غالب له، فمن كان معه فمن ذا الذي يغلبه أو يناله بسوء ؟! فإن كان الله مع العبد فمن يخاف ؟! وإن لم يكن معه فمن يرجو ؟! وبمن يثق ؟! ومَن ينصره مِن بعده ؟! فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولاً وكان قيامه بالله ولله لم يقمْ له شيءٌ ولو كادته السماوات والأرض والجبال لكفاه الله مؤنتها وجعل له فرجاً ومخرجاً وإنما يؤتى العبد من تفريطه وتقصيره في هذه الأمور الثلاثة أو في اثنين منها أو في واحد فمن كان قيامه في باطل لم يُنْصَرْ وإن نُصر نصراً عارضاً فلا عاقبة له وهو مذموم مخذول، وإن قام في حق لكن لم يقمْ فيه لله وإنما قام لطلب المحمدة والشكور والجزاء من الخلق أو التوصل إلى غرض دنيوي كان هو المقصود أولاً والقيام في الحق وسيلة إليه فهذا لم تُضمن له النصرة؛ فإن الله إنما ضمن النصرة لمن جاهد في سبيله وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا لا لمن كان قيامه لنفسه ولهواه؛ فإنه ليس من المتقين ولا من المحسنين وإن نُصر فبحسب ما معه من الحق فإن الله لا ينصر إلا الحق. وإذا كانت الدولة لأهل الباطل فبحسب ما معهم من الصبر، والصبر منصور أبداً؛ فإن كان صاحبه مُحِقَّاً كان منصوراً له العاقبة؛ وإن كان مُبطلاً لم يكن له عاقبة، وإذا قام العبد في الحق لله ولكن قام بنفسه وقوته ولم يَقُمْ بالله مستعيناً به مُتَوَكِّلاً عليه مُفَوِّضاً إليه بَرِيَّاً من الحول والقوة إلا به فله من الخذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك. ونكتة المسألة أن تجريد التوحيدين في أمر الله لا يقوم له شيءٌ البتة، وصاحبه مؤيد منصور ولو توالتْ عليه زُمَرُ الأعداء. قال الإمام أحمد: حدثنا داود أنبأنا شعبة عن واقد بن محمد بن زيد عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: من أسخط الناس برضاء الله عز وجل كفاه الله الناس ومن أرضى الناس بسخط الله وكله إلى الناس. اعلام الموقعين، ط. مشهور سلمان، 3/430-431
قلت: قال الامام أحمد في كتاب الزهد: حدثنا علي بن ثابت حدثنا جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم بن عمر: أما بعد فإن الله عز وجل ابتلاني بما ابتلاني به من هذا الأمر عن غير مشورة ولا طلب له؛ ولكن كان ما قدّر الله عز وجل؛ فأسأل الله الذي ابتلاني بما ابتلاني أن يعينني عليه فإذا جاءك كتابي هذا فابعث إليَّ بكتب عمر بن الخطاب وقضائه وسيرته في أهل الذمة فإني متبع أثره وسائر بسيرته إن أعانني الله على ذلك والسلام. فكتب إليه سالم: جاءني كتابك؛ تذكر أن الله عز وجل ابتلاك بما ابتلاك به من هذا الأمر من غير طلب ولا مشورة كان منك ولكن ما كان قدر الله أن يبتليك فأسأل الله الذي ابتلاك بما ابتلاك به أن يعينك عليه؛ فإنك لست في زمان عمر؛ وليس عندك رجال عمر؛ فإن نويت الحق وأردته أعانك الله عليه وأتاح لك عمَّالاً وأتاك بهم من حيث لا تحتسب؛ فإن عون الله على قدر النية؛ فمن تمَّتْ نيّتُه في الخير تمَّ عون الله له؛ ومن قصرت نيتُه قصر من العون بقدر ما قصر منه، والسلام. الزهد، ط. العلمية، 366 وانظر حلية الأولياء 5/284-285
أخي الفاضل ! هاك مفاتح هذا الكنز الكريم: 1-الله سبحانه وتعالى كافي رسوله صلى الله عليه وسلم شر كل ذي شرٍ؛ قديماً كان شره أو حديثاً. قال عزَ وجلّ: ( إنا كفيناك المستهزئين ). 2-والله سبحانه وتعالى كافي أتباع رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم؛ كفايةً تُناسب عبادتهم لله وانقيادهم له واتّباعهم لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ زيادةً ونُقصاناً. 3-أيها المُوَحِّد لله؛ المُتَّبِع لرسول الله صلى الله عليه وسلم! سَتُخَوَّف بغير الله – فإنها عادة أعداء الله – فَوَحِّد ربك ولا تخفْ سواه، وتعاهد نيَّتك؛ فإنها باب معونة سيدك لك.
وقبل أن أتركك في حفظ الله؛ أهمس في أذنك – فإنك عزيز عندنا -: تعاهد سورة الزمر؛ تَدَبُّرَاً وتفسيراً وحفظاً، فإنها أصلٌ في فهم توحيد الله تعالى، ودعْ عنك: قالوا وقلنا. عبد الله الجدعان غير متصل رد مع اقتباس
| |
|