المختار Admin
عدد المساهمات : 405 نقاط : 1155 تاريخ التسجيل : 29/11/2011
| موضوع: حلق عالياً ... عليك اللعنة الخميس ديسمبر 29, 2011 5:24 am | |
| حلق عالياً ... عليك اللعنة عدت من سفري منذ يومين لأرى في بيتنا مفاجأة من العيار الثقيل ... عصفور جميل وملّون في قفص على الطاولة ناديت مدبرة المنزل وبدأت التحقيق معها على الطريقة المخابراتية عن سرّ وجود هذا الكائن سجين قفص في بيتي .. واذا كان قد حصل على محاكمة عادلة تفضي الى هذا المصير المأساوي ... أم أنّهم اقتادوه نحو مصيره المجهول تحت ظلّ قانون الطوارئ .... وحين رأت مدبرة المنزل تلك اللمعة المشككة في طرف عيني .. ارتبكت ... قالت لي أنّها ساعدت الجيران في نقل بعض الأغراض .. فأعطوها هذا الطائر عرفاناَ بالجميل حيث لم تأخذ بدل مادّي لقاء خدماتها ... طبعاَ كان هناك حفاوة كبيرة بالطائر من قبل صغيراتي تتجاوز حفاوتهم بعودتي ... .. أما أنا فلم يعجبني الموضوع .. وأثار حفيظتي ...القفص وهذا الكائن بداخله يرتبط بذكرى لاأعرف نتيجة تداعياتها مرّة أخرى ..... وهذا العصفور مكانة خارجاَ في الهواء الطلق وليس وراء القضبان ....... قلت وبحزم ..... سنعطي الحرّية لهذا العصفور..... افتحي باب القفص حصل هرجاَ ومرجاَ في البيت عقب اعلان قراري وبدأت حفلات البكاء الصاخبة والتوسلات البريئة حتى استسلمت أمام الأمر الواقع وأنا أعقد العزم علىاطلاق الطائر باستخدام طريقة الحيلة والمواربة والتي تشبة طريقة حكومتنا في تنفيذ قراراتها !!!! وقلت في نفسي ..... أنا ابنة هذه الحكومة وربيبتها ..... ومن شابه أباه ما ظلم ... وقررت في اليوم التالي أن أفتح باب القفص عند خروج الجميع من المنزل ... وعند عودتهم سأدّعي أنهم من نسي باب القفص مفتوح مما جعل الطائر يخرج... وسأشاركهم أحزانهم لدقائق ثمّ أشرح لهم أنّ منزل الطائر السماء والطبيعة والأشجار وليس القفص .. وينتهي الأمر .... ابتسمت إبتســـــــامة مشعوذة لذكائي ......
" ما أقبح أن يستخدم الانسان ذكائه للحيلة .. والأقبح من ذلك هو رضاه الداخلي عمّا يقترفه حتى لو كانت الغاية نبيلة ..... انها عملية اقصاء والغاء للطرف الآخر "
المهم ...خرج الجميع ... اقتربت من القفص وأنا أكلّم الطائر الذي تخيلّته للحظة أنّه يدري .. وأنّه شريكي في الحيلة ..وبدت لي زقزقته تعبيراَ عن الفرح في الانطلاق والحريّة .... فتحت الباب وأنا أقول له .. الآن يا صديقي ... عد الى أجوائك وفضائك ... همنغواي قال .. لم أشعر بالحرية إلاّ حينما حطّ عصفوراَ بالخطأ على كتفي ..... أنت رمز للحرية ... خذها وطر الآن .... وأذهلتني المفاجأة .... العصفور بقي قابعاَ في القفص رغم أن الباب مفتوح .... انتظرت لدقائق .. والعصفور لم يتحرك ولم يأبه للباب المفتوح .. قلت في نفسي ... ربما لم يره .. أحيانا كثيرة نترك الأبواب المفتوحة ونتجاوزها لفتح الموصد منها ...ربما غباء أو ربما اعلاناَ عن التحدّي .....لاأدري المهم .... أدخلت يدي الى القفص وأنا سعيدة أنني سأمنح فضاءَ لكائن كنّا ومازلنا نتغنى بحريته في أشعارنا ... أمسكت الطائر ووضعته على حافة القفص ... أردته أن يفعل ذلك بنفسه.. أن يطير بمفرده ليعطيني احساسا بالنشوة .. ولكن الطائر بقي على الحافة دون حراك .. .. رفرف قليلاَ .. ثمّ عاد الى الداخل .. أصبت بالاحباط .. ماهذا العصفور الكريه .. لابدّ أنه أصيب بانفلونزا الطيور ...... وزاد اصراري على اطلاق حريته ... أمسكته مرّة أخرى وأخرجته خارج القفص ...فتحت جميع النوافذ وجلست أرقبه عن بعد وأنا أصرخ هيا أيها المدجّن ... طرّ الآن .. أنت حرّ .. الشبابيك مفتوحة أيها المغفل .. وبدل أن يتجه الى النوافذ أخذ يدور في الأرض ويتنقل على الطاولات وكنب وكراسي البيت وهو يزقزق ... وكأنّه قد تآلف مع كلّ قطعة فيه... فتحت عينيّ على آخرهما اندهاشاَ ... ولو كان عندي قط لرميته له أخذت العصفور ووضعته على النافذة .. عاد ودخل ... احترت في أمره وأنا حانقة وغاضبة ..... هذا ليس عصفوراَ إنّه خفاش لايرى النور .. أمسكته مرّة أخرى حتى كدت أعتصره بيدي .. أطلقته خارجاَ وقفلت النوافذ .. عاد ليقف على الحافة وكأنّه يخشى السقوط ..... أهذا ما يفعله السجن لمدة طويلة .. يفقد فيها الكائن قدرته على الطيران بحريّة ...هل يصيبه الشلل التام حتى لايكاد يعرف جنسه ولونه وبيئته ... أم ينسى طباعه .. فطرته .. جيناته ..
هل يصبح الواقع بعد التدجين هو الحالة الطبيعية .. والحالة الطبيعية تصبح استثناء ..
نظرت اليه من خلف الزجاج .... حدّقت في عينيه بحدّة ... صرخت ...
حلّق عالياَ أيها المدّجن الخمول .... عليك اللعنة .......
افرد جناحيك نحو السماء ... حتى لو كانا غضيضي الخفق إذ لاشئ في هذا العالم يوازي الحريّة ....
| |
|